هل المطلوب أن نفهم سلوكنا؟

 

يعتقد كل واحد منا أن سلوكه وما يقوم به هو الصحيح وفي حالة وجود أي تعارض مع سلوكه يحدث نفسه قائلاً أن الآخرين لم يفهموه أو يقدم على سلوكيات أخرى كرد فعل لذلك.
 
لا بد من الاشارة هنا الى أن سلوكنا هو الذي يحدد مستقبلنا ومدى شعورنا بالراحة والطمأنينة، ومن هنا يبرز سؤال هل أن كل واحد منا مدرك وواع لما سلكه أو يتصرفه؟ وهل الآخرين سواء في العائلة أو المدرسة أو الجامعة أو الأصدقاء يعرفون ما يحتاجه أو يلائمه أكثر من نفسه؟
 

نكون سعداء جميعاً إذا كان كل واحد واثق من نفسه، ولكن الثقة بالنفس ليست كل شيء، كيف؟

ان سلوك أي انسان هو حصيلة لعوامل عديدة داخلية وخارجية، والسلوك بمفهومنا النفسي التحليلي، هو سلوك الانسان سواء كان لفظياً أي بالكلام أو عضلياً أي بالنشاط أو جسمياً.. ومن هنا المرض أيضاً معناه سلوك. مثلاً قرحة الاثني عشري هي سلوك للجهاز الهضمي، وارتفاع ضغط الدم هو سلوك لجهاز الدورة الدموية، التدخين هو سلوك انعكاس لانفعالات داخلية يضاف اليها اكتساب لمادة.
 
من هنا يجب أن نعلم ونفهم أننا جميعاً بغض النظر عن عمرنا الزمني أو مستوانا الدراسي أو الثقافي أو الاجتماعي، الكثير من تصرفاتنا وسلوكياتنا لا ندرك دوافعها الحقيقية وأبعادها. قد يقول البعض أنا أعرف وأفهم نفسي أكثر من أي شخص آخر، وهنا تبدأ المشكلة، حيث أن ذلك قد يكون ما نطلق عليه بالمفهوم النفسي تبرير. والتبرير هو حالة دفاعية لا شعورية يحاول الشخص فيها اقناع نفسه أو الآخرين بصحة سلوكه أو موقفه. طبعاً التبرير حالة صحية ولكن إذا كثر استخدامها تصبح حالة غير سوية، وهذا يقودنا للحديث عن آليات دفاعية لا شعورية أخرى لدى الانسان مثل:
 
1-    الإسقاط: ومعناها قيام الشخص باسقاط أو الصاق ما في داخله من أمور سيئة على الآخرين دون إدراك لذلك.
2-    الإزاحة: أي ايجاد بديل رمزي يحاول الانسان تناول عواطفه وأفكاره المجامعة والمشحونة ليزيحها ويوجهها إلى ذلك البديل.
3-    التخيلات وأحلام اليقظة: حيث تؤدي حالة الصراع أحياناً إلى تهرب الانسان من الواقع ولجوئه إلى عالم من الأحلام والتخيلات المليئة مثلاً بالبطولات والتضحيات.

 

وهنالك آليات دفاعية أخرى كثيرة لا مجال لذكرها، والغاية إشارة الى أن معرفة النفس وفهمها ليست بالسهولة التي نتصورها. وعليه فإن النفس وما ينتج من سلوكيات لفظية وغير لفظية هي نتاج عوامل داخلية وخارجية، ولتوضيح الأمور سأذكر هذه العوامل المؤثرة على سلوكنا.
 
1-    حاجات الانسان: هنالك للإنسان حاجات أساسية وثانوية لها دور كبير في التأثير على سلوكنا، الحاجة للطعام والشراب، والحاجة للنوم والجنس، والحاجة للأمن والحب والتقدير الاجتماعي، حاجات مهمة.. عندما نجوع تدفعنا هذه الحاجة إلى سلوكيات معينة حيث نذهب لنأكل، وعندما نكون جائعين سيكون أي مطعم في الشارع مثير لانتباهنا، وهنا يكون تحملنا أقل، ويضعف التركيز في نواح عديدة.
2-    نأتي على مؤثر مهم آخر، هو ما نشعر به، ونظرتنا لانفسنا.. فلنأخذ مثلاً الشاب اذا كان قلقاً سيؤثر ذلك على سلوكه وأدائه وعلاقاته مع الآخرين، وان كان يعاني من خلل في الثقة بالنفس، سيقوم باجراء مقارنات بين نفسه والآخرين، فمثلاً إن وجد اختلاف بين جسمه أو اعضائ الجسم مقارنة بآخر، يزداد شعوره بالنقص مما يؤدي إلى زيادة القلق وضعف التركيز، وقد يؤدي إلى عزله أو سلوكيات غير سوية هروبية مثل اللجوء إلى الكحول والمهدئات أو المواد المخدرة. وقد يقوم الشاب بتقليد أو محاكاة شاب آخر ينظر إليه بإعجاب دون إدراك هل سلوك هذا الأخير جيد ومفيد أم لا، ونراه قد يصبح ثابتاً.
شاب آخر بسبب قلقه يتقبل الايحاء بسهولة، فعندما يقترح عليه شخص آخر سلوك معين أو تجربة محددة يقبلها الشاب القلق كما هي، مثل ما يحدث عند تعاطي المخدرات.

احجز موعد